يقول ناشطون سوريون في لبنان إن طريق التهريب إلى سوريا أصبحت ممرا حيويا لا لتوصيل الأسلحة للجنود المنشقين فحسب ولکن أيضا لإرسال الدم والأدوية التي تشتد الحاجة إليها.
وکثفت القوات السورية حملتها الدموية لقمع الانتفاضة المستمرة منذ 11 شهرا على حکم عائلة الأسد المستمر منذ أربعة عقود خصوصا في حي بابا عمرو بمدينة حمص الذي انسحب منه مقاتلو المعارضة الأسبوع الماضي.
في منزل بإحدى البلدات بشمال لبنان يبحث الناشطون عن أفضل السبل لتوصيل المساعدات إلى مستشفيات ميدانية وأطباء يحتاجون إلى أدوية وأدوات لعلاج الجرحى.
ويقول ناشطون إن مئات قتلوا في جمص خلال خملة قصف استمرت شهرا لحي بابا عمرو وإن آخرين يلاقون حتفهم لنقص الأدوية والدماء المطلوبة لعلاجهم.
وقال ناشط سوري في شمال لبنان "يعني مثلا أنا أحيانا نطلب أدوية فيه ناس هون (هنا) بتتبرع.. مسؤؤوليتها مثلا أنه تجيب أدوية مثلا. بتقولي مختار.. بتقولي مثلا هون بلبنان فيه ناس عم بتساعد وفيه عم ييجي مساعدات من برة (الخارج). عرفتي کيف.. نحن شو (ما هي) شغلتنا.. مثلا بعرف مين الناس الموثوقة جوة (داخل سوريا) لأن الأدوية هاي (هذه) ما بتروح لمين ما کان."
وتحاصر المخاطر طريق التهريب من کل جانب حيث تکمن القوات السورية عبر الحدود لاصطياد الناشطين متسترة بالظلام الذي يلف الجبال المحيطة بالبلدة. کما يضطر الناشطون للالتفاف حول مناطق مزروعة بالألغام وتنتشر فيها نقاط التفتيش. بل ويصاب بعض الناشطين أحيانا بنيران زملائهم خلال الارتباک الذي يحدث خلال العمليات الليلية.
وقال الناشط السوري "فيه مخابرات وفيه ناس لا تؤاخذيني بها الکلمة حرامية. نحن شغلتنا أنه نقول لهم.. لها الناس مين الشخص الصح وکيف بدها تروح ولمين وأي ساعة وتليفونه. فيه تفاصيل اللي هون ما بيعرفوها أهل المنطقة. اللي هون مثلا لا تؤاخذيني بها الکلمة ما بيعرفوا مين يللي منيح (طيب) ومين العاطل. فيه مخبرين جوة. وهذا موضوع بيضرنا کثير.. بيضرنا نحن ما بيضرهم لهم. هلق اللبناني ما فيه بيضره قد السوري. اللبناني في دولته بتحميه بالنهاية. بس (لکن) السوري يعني مضرور هون أو هونيک (هناک)."
وظل التهريب بين سوريا ولبنان عملا مربحا على مدى سنوات طويلة. لکن الأرباح الخيالية التي يستطيع المهربون المحترفون الحصول عليها خلال الحروب لا تکفي لإقناعهم بالمخاطرة بحياتهم. وأصبحت عملية نقل إمدادات إلى داخل سوريا حاليا مقصورة على الناشطين الذين يکتفي المهربون بتقديم المشورة لهم.
ويسود الهدوء البلدة اللبنانية خلال النهار لکن أصوات الأعيرة النارية تسمع خلال الليل أثناء لعبة القط والفأر بين القوات السورية والناشطين والجنود المنشقين عبر الحدود.
الشيخ أبو مليحان اللبناني معروف في البلدة بعباءته السوداء التقليدية والکوفية ذات اللونين الأبيض والأحمر التي تغطي رأسه. ويهش الرجل الأطفال والدجاج من أمام منزله ثم يشير إلى صناديق مليئة بالمضادات الحيوية والإبر الطبية المعقمة وحليب الأطفال المجفف وأکياس جمع الدم من المتبرعين داخل البيت.
وقال أبو مليحان "هادول (هذه) أکياس دم داخلين لسوريا إذا الله أراد.. لبابا عمرو لمساعدة النازحين ومساعدة الجرحى.. من ناس خيرين.. مو (ليس) من جهة.. أي جهة.. جمعية لأ. بس من ناس خيرين عم يتبرعوا للناس. أنا ما تبرعت من عندي شيء بس أنا علي التوصيل."
ويقول الناشطون إنهم يتلقون أوامرهم من جماعة الجيش السوري الحر التي تضم مقاتلين معارضين وجنودا منشقين. وأقر بعض الناشطين في شمال لبنان بتهريب أسلحة أيضا إلى المنشقين لکنهم يقولون إن الکلام غير المحسوب من شأنه أن يزيد من تدقيق قوات الأمن اللبنانية.
ويقول ناشطون إن السکان المحليين والمهاجرين السوريين يتبرعون لهم بالمال بينما ذکر آخرون أن جماعات إسلامية متشددة ممولة من الخليج تشارک في التبرع.
خدمة الشرق الأوسط التلفزيون
